كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



و {جنتان} بدل من {آية} باعتبار تكملته بما اتصل به من المتعلق والقول المقدر.
و {جنتان} تشبيه بليغ، أي في مساكنهم شبيه جنتين في أنه مغترس أشجارًا ذاتتِ ثمر متصل بعضها ببعض مثل ما يعرف من حال الجنات، وتثنية جنتين باعتبار أن ما على يمين السَّائر كجنة، وما على يسَاره كجنة.
وقيل: كان لكل رجل منهم في مَسكنه، أي داره جنتان جنة عن يمين المسكن وجنة عن شماله فكانوا يتفيئون ظِلالهما في الصباح والمساء ويجتنون ثمارهما من نخيل وأعناب وغيرها، فيكون معنى التركيب على التوزيع، أي: لكل مسكن جنتان، كقولهم: ركِب القومُ دوابهم، وهذا مناسب لقوله: {في مساكنهم} دون أن يقول في بلادهم، أو ديارهم، ويجوز أن يكون المراد أن مدينتهم وهي مأرب كانت محفوفة على يمينها وشمالها بغابة من الجنات يصطافون فيها ويستثمروها مثل غوطة دمشق، وهذا يناسب قوله بعدُ {وبدلناهم بجنتيهم جنتين} [سبأ: 16] لأن ظاهره أن المبدل به جنتان اثنتان، إلا أن تجعله على التوزيع من مقابلة المتعدد بالمتعدد.
والمعنى: أنهم كانوا أهل جنّات مغروسة أشجارًا مثمرة وأعنابًا.
وكانت مدينتهم مأرب بهمزة ساكنة بعد الميم وهي بين صنعاء وحضرموت، قبل، كان السائر في طرائقها لو وضع على رأسه مكتلًا لوجده قد ملىء ثمارًا مما يسقط من الأشجار التي يسير تحتها.
ولعل في هذا القول شيئًا من المبالغة إلا أنها تؤذن بوفرة.
وكان ذلك بسبب تدبير ألهمهم الله إياه في اختزان المياه النازلة في مواسم المطر بما بنوا من السد العظيم في مأرب.
وجملة {كلوا من رزق ربكم} مقول قول إما من دلالة لسان الحال كما في قوله:
امتلأ الحوض وقال قَطْني

وإما أُبلغوه على ألسنة أنبياء بعثوا منهم، قيل: بعث فيهم اثنا عشر نبيئًا، أي مثل تُبع أسعد، فقد نقل أنه كان نبيئًا كما أشار إليه قوله تعالى: {وقوم تبع} [ق: 14] أو غيره، قال تعالى: {منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} [غافر: 78]، أو من غيرهم مما قاله سليمان بلقيس أو مما قاله الصالحون من رسل سليمان إلى سبأ، وفي جعل {جنتان} في نظم الكلام بدلًا عن آية كناية عن طيب تربة بلادهم.
قيل: كانوا يزرعون ثلاث مرات في كل عام.
والطيِّبة: الحسنة في جنسها الملائمة لمزاولها ومستثمرها قال تعالى: {وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف} [يونس: 22] وقال: {فلنحيينه حياة طيبة} [النحل: 97] وقال: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه} [الأعراف: 58] وقال: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة} [آل عمران: 38].
وفي حديث أبي طلحة في صدقته بحائط بئرحاء: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب.
والطيّب ضد الخبيث قال تعالى: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} [النساء: 2] وقال: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} [الأعراف: 157].
واشتقاقه من الطِيب بكسر الطاء بوزن فِعْل وهو الشيء الذي تعبق منه رائحة لذيذة.
وجملة {بلدة طيبة} من تمام القول وهي مستأنفة في الكلام المقول، أي بلدةٌ لكم طيبة، وتنكير {بلدة} للتعظيم.
و {بلدة} مبتدأ و {طيبة} نعت ل {بلدة} وخبره محذوف، تقديره: لكم، وعُدل عن إضافة {بلدة} إلى ضميرهم لتكون الجملة خفيفة على اللسان فتكون بمنزلة المثَل.
وجملة {ورب غفور} عطف على جملة {بلدة طيبة}.
وتنكير {رب} للتعظيم.
وهو مبتدأ محذوف الخبر على وزان {بلدة طيبة} والتقدير: ورب لكم، أي ربكم غفور.
والعدول عن إضافة {رب} لضمير المخاطبين إلى تنكير {رب} وتقديرِ لام الاختصاص لقصد تشريفهم بهذا الاختصاص ولتكون الجملة على وزان التي قبلها طلبًا للتخفيف ولتحصل المزاوجة بين الفقرتين فتسيرا مسير المثل.
ومعنى {غفور} متجاوز عنكم، أي عن كفرهم الذي كانوا عليه قبل إيمان بلقيس بدين سليمان عليه السلام، ولا يُعلم مقدار مدة بقائهم على الإِيمان.
{فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16)}.
تفريع على قوله: {واشكروا له} [سبأ: 15] وقع اعتراضًا بين أجزاء القصة التي بقيتها قوله: {وجعلنا بينهم وبين القرى} [سبأ: 18]. إلخ.
وهو اعتراض بالفاء مثل قوله تعالى: {ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار} وتقدم في سورة الأنفال (14).
والإِعراض يقتضي سبق دعوة رسول أو نبيء، والمعنى: أعرضوا عن الاستجابة لدعوة التوحيد بالعود إلى عبادة الشمس بعد أن أقلعوا في زمن سليمان وبلقيس، فلعل بلقيس كانت حولتهم من عبادة الشمس فقد كانت الأمم تتبع أديان ملوكهم، وقد قيل إن بلقيس لم تعمر بعد زيارة سليمان إلا بضع سنين.
والإِرسال: الإطلاق وهو ضد الحبس، وتعديته بحرف على مؤذنة بأنه إرسال نقمة فإن سيل العرم كان محبوسًا بالسد في مأرب فكانوا يرسلون منه بمقدار ما يَسقون جناتهم، فلما كفروا بالله بعد الدعوة للتوحيد قدر الله لهم عقابًا بأن قدر أسباب انهدام السد فاندفع ما فيه من الماء فكان لهم غرقًا وإتلافًا للأنعام والأشجار، ثم أعقبه جفاف باختلال نظام تساقط الأمطار وانعدام الماء وقت الحاجة إليه، وهذا جزاء على إعراضهم وشركهم.
والعرم يجوز أن يكون وصفًا من العرامة وهي الشدة والكثرة فتكون إضافة السيل إلى {العرم} من إضافة الموصوف إلى الصفة.
ويجوز أن يكون {العرم} اسمًا للسيل الذي كان ينصبّ في السد فتكون الإِضافة من إضافة المسمى إلى الاسم، أي السيْل العرم.
وكانت للسيول والأودية في بلاد العرب أسماء كقولهم: سيل مهزور ومذينيب الذي كانت تسقى به حدائق المدينة، ويَدل على هذا المعنى قول الأعشى:
ومأرب عفى علَيها العَرم

وقيل: {العرم} اسم جمع عرَمَة بوزن شَجرة، وقيل لا واحد له من لفظه وهو ما بني ليمسك الماء لغة يمنية وحبشية.
وهي المسناة بلغة أهل الحجاز، والمسناة بوزن مفعلة التي هي اسم الآلة مشتق من سنيت بمعنى سَقيت، ومنه سميت الساقية سانية وهي الدلو المستقى به والإِضافة على هذين أصيلة.
والمعنى: أرسلنا السيل الذي كان مخزونًا في السدّ.
وكان لأهل سبأ سدّ عظيم قرب بلاد مأرب يعرف بسد مأْرب ومأرب من كور اليمن وكان أعظم السداد في بلاد اليمن التي كانت فيها سداد كثيرة متفرقة وكانوا جعلوا هذه السداد لخزن الماء الذي تأتي به السيول في وقت نزول الأمطار في الشتاء والربيع ليسقوا منها المزارع والجنات في وقت انحباس الأمطار في الصيف والخريف فكانوا يعمدون إلى ممرات السيول من بين الجبال فيبنون في ممر الماء سورًا من صخور يبنونها بناء محكمًا يصبون في الشقوق التي بين الصخور القَار حتى تلتئم فينحبس الماء الذي يسقط هنالك حتى إذا امتلأ الخَزَّان جعلوا بجانبيه جوابي عظيمة يصب فيها الماء الذي يفيض من أعلى السد فيقيمون من ذلك ما يستطيعون من توفير الماء المختزَن.
وكان سدّ مأرب الذي يُحفظ فيه {سيل العرم} شَرع في بنائه سبأ أول ملوك هذه الأمة ولم يتمه فأتمه ابنه حِمير.
وأما ما يقال من أن بلقيس بنته فذلك اشتباه إذ لعل بلقيس بنت حوله خزانات أخرى فرعية أو رممت بناءه ترميمًا أطلق عليه اسم البناء، فقد كانوا يتعهدون تلك السداد بالإِصلاح والترميم كل سنة حتى تبقى تجاه قوة السيول الساقطة فيها.
وكانوا يجعلون للسد منافذ مغلقة يزيلون عنها السَّكْر إذا أرادوا إرسال الماء إلى الجنات على نوبات يرسل عندها الماء إلى الجهات المتفرقة التي تسقى منه إذ جعلوا جناتهم حول السد مجتمعة.
وكان يصب في سد مأرب سبعون واديًا.
وجعلوا هذا السد بين جبلين يعرف كلاهما بالبَلَق فهما البلَق الأَيمن والبلق الأَيسر.
وأعظم الأودية التي كانت تَصبّ فيه اسمه إذنه فقالوا: إن الأودية كانت تأتي إلى سبأ من الشحْر وأودية اليمن.
وهذا السد حائط طُوله من الشرق إلى الغرب ثمانمائة ذراع وارتفاعه بضع عشرة ذراعًا وعرضه مائة وخمسون ذراعًا.
وقد شاهده الحَسَن الهمداني ووصفه في كتابه المسمى بالإِكليل وهو من أهل أوائل القرن الرابع بما سمعت حاصله.
ووصفه الرحالة أرنو الفرنسي سنة 1883 والرحالة غلازر الفرنسي.
ولا يعرف وقت انهدام هذا السد ولا أسباب ذلك.
والظاهر أن سبب انهدامه اشتغال ملوكهم بحروب داخلية بينهم ألهتهم عن تفقد ترميمه حتى تخرب، أو يكون قد خربه بعض من حاربهم من أعدائهم، وأما ما يذكر في القصص من أن السد خربته الجرذان فذلك من الخرافات.
وفي {العرم} قال النابغة الجعدي:
من سبأ الحاضرين مأرب إذ ** يبنون من دون سيله العَرِما

والتبديل: تعويض شيء بآخر وهو يتعدى إلى المأخوذ بنفسه وإلى المبذول بالباء وهي باء العوض كما تقدم في قوله تعالى: {ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب} في سورة النساء (2).
فالمعنى: أعطيناهم أشجار خَمْط وأثْل وسِدر عوضًا عن جنتيهم، أي صارت بلادهم شَعْراء قاحلة ليس فيها إلا شجر العِضاه والبادية، وفيما بين هذين الحالين أحوال عظيمة انتابتهم فقاسوا العطش وفقدان الثمار حتى اضطروا إلى مفارقة تلك الديار، فلما كانت هذه النهاية دالة على تلك الأحوال طوي ذكر ما قبلها واقتصر على {وبدّلناهم بجنتيهم جنتين ذواتيْ أكل خمط} إلى آخره.
وإطلاق اسم الجنتين على هذه المنابت مشاكلة للتهكم كقول عمرو بن كلثوم:
قريناكم فعجلنا قِراكم ** قبيل الصُبح مِرداة طحونا

وقوله تعالى: {فبشرهم بعذاب أليم} [الانشقاق: 24].
وقد وصف الأعشى هذه الحالة بدءًا ونهاية بقوله:
وفي ذاكَ للمؤنسي عِبرة ** ومأْرب عَفى عليها العرم

رخام بنته لهم حِمير ** إذا جاء مَوَّاره لم يَرم

فأروى الزروع وأعنابها ** على سَعة ماؤهم إذا قُسم

فعاشوا بذلك في غبطة ** فحاربهم جارف منهزم

فطار القيول وقيلاتها ** ببهماء فيها سراب يطِم

فطاروا سراعًا وما يقدرو ** ن منه لشرب صُبيّ فُطِم

والخَمْط: شَجر الأراك.
ويطلق الخمط على الشيء المُرّ.
والأثل: شجر عظيم من شجر العضاه يشبه الطرفاء.
والسدر: شجر من العضاه أيضًا له شَوْك يشبه شجر العناب.
وكلها تنبت في الفيافي.
والسدر: أكثرها ظلًا وأنفعها لأنه يغسل بورقه مع الماء فينظف وفيه رائحة حسنة ولذلك وصف هنا بالقليل لإِفادة أن معظم شجرهم لا فائدة منه، وزيد تقليله قلة بذكر كلمة {شَيء} المؤذنة في ذاتها بالقلة.
يقال: شيء من كذا، إذا كان قليلًا.
وفي القرآن: {وما أغني عنكم من الله من شيء} [يوسف: 67].
والأُكل بضم الهمزة وسكون الكاف وبضم الكاف: المأكول.
قرأه نافع وابن كثير بضم الهمزة وسكون الكاف.
وقرأه باقي العشرة بضم الكاف.
وقرأ الجمهور {أكل} بالتنوين مجرورًا فإذا كان {خمط} مرادًا به الشجر المسمّى بالخمط، فلا يجوز أن يكون {خمط} صفة ل {أكل} لأن الخمط شجر، ولا أن يكون بدلًا من {أكل} كذلك، ولا عطف بيان كما قدره أبو علي لأن عطف البيان كالبدل المطابق، فتعين أن يكون {خمط} هنا صفة يقال: شيء خَامط إذا كان مُرًّا.
وقرأه أبو عمرو ويعقوب {أكل} بالإِضافة إلى {خمط} فالخمط إِذَن مراد به شجر الأراك، وأُكله ثمره وهو البَرير وهو مرّ الطعم.
ومعنى {ذواتي أكل} صاحبتي {أُكل} ف ذوات جمع ذَات التي بمعنى صَاحبة، وهي مؤنث ذو بمعنى صاحب، وأصل ذات ذَواة بهاء التأنيث مثل نَواة ووزنها فَعَلة بفتحتين ولامها واو، فأصلها ذَوَوَه فلما تحركت الواو إثر فتحة قلبت ألفًا ثم خففوها في حال الإِفراد بحذف العين فقالوا: ذات فوزنها فَلَتْ أو فَلَهْ.
قال الجوهري: أصل التاء في ذات هاء مثل نَواة لأنك إذا وقفت عليها في الواحد قلت: ذاه بالهاء، ولكنهم لما وصلوها بما بعدها بالإِضافة صارت تاء.
ويدل لكون أصلها هاء أنه إذا صُغر يقال ذُويَّة بهاء التأنيث. اهـ.
ولم يبين أئمة اللغة وجه هذا الإِبدال ولعله لكون الكلمة بنيت على حرف واحد وألف هي مَدّة الفتحة فكان النطق بالهاء بعدهما ثقيلًا في حال الوقف، ثم لما ثنّوْها ردُّوها إلى أصلها لأن التثنية تردُّ الأشياء إلى أصولها فقالوا: ذَوَاتَا كذا، وحذفت النون للزوم إضافته، وأصله: ذَوَيات.
فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ووزنه فَعَلَتَان وصار وزنه بعد القلب فعاتان وإذا جمعوها عادوا إلى الحذف فقالوا ذوات كذا بمعنى صاحبتات، وأصله ذويات فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فأصل وزن ذوات فَعَلاَت ثم صار وزنه بعد القلب فَعَات، وهو مما أُلحق بجمع المؤنث السالم لأن تاءه في المفرد أصلها هاء، وأما تاؤه في الجمع فهي تاء صارت عوضًا عن الهاء التي في المفرد على سُنة الجمع بألف وتاء.
{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)}.
استئناف بياني ناشىء عن قوله: {فأرسلنا عليهم سيل العرم} [سبأ: 16] فهو من تمام الاعتراض.
واسم الإِشارة يجوز أن يكون في محل نصب نائبًا عن المفعول المطلق المبيِّن لنوع الجزاء، وهو من البيان بطريق الإِشارة، أي جزيناهم الجزاء المشار إليه وهو ما تقدم من التبديل بجَنَّتَيْهم جنتين أخريين.
وتقديمه على عامله للاهتمام بشدة ذلك الجزاء.
واستحضاره باسم الإِشارة لما فيها من عظمة هوله.
ويجوز أن يكون اسم الإِشارة في محل رفع بالابتداء وتكون الإِشارة إلى ما تقدم من قوله: {فأرسلنا عليهم سيل العرم} إلى قوله: {من سدر قليل} [سبأ: 16] ويكون جملة {جزيناهم} خبرَ المبتدأ والرابط ضمير محذوف تقديره: جزيناهموه.
والباء في {بما كفروا} للسبيبة وما مصدرية، أي بسبب كفرهم.
والكفر هو الكفر بالله، أي إنكار إلهيته لأنهم عبَدةُ الشمس.
والاستفهام في {وهل يجازى} إنكاري في معنى النفي كما دل عليه الاستثناء.
و {الكفور} الشديد الكفر لأنهم كانوا لا يعرفون الله ويعبدون الشمس فهم أسوأ حالًا من أهل الشرك.
والمعنى: ما يُجَازَى ذلك الجزاء إلا الكفور لأن ذلك الجزاء عظيم في نوعه، أي نوع العقوبات فإن العقوبة من جنس الجزاء.
والمثوبة من جنس الجزاء فلما قيل {ذلك جزيناهم بما كفروا} تعين أن المراد: وهل يجازى مثل جزائهم إلا الكفور، فلا يتوهم أن هذا يقتضي أن غير الكفور لا يجازى على فعله، ولا أن الثواب لا يسمى جزاء ولا أن العاصي المؤمن لا يجازَى على معصيته، لأن تلك التوهمات كلها مندفعة بما في اسم الإِشارة من بيان نوع الجزاء، فإن الاستئصال ونحوه لا يجري على المؤمنين.
وقرأ الجمهور {يجازى} بياء الغائب والبناء للمجهول ورفع {الكفورُ}.
وقرأ حمزة والكسائي بنون العظمة والبناء للفاعل ونصب {الكفور}. اهـ.